عالم الشباب الضائع رواية في «نابوليتانا»




«قدّر هيثم أنّ القطّ يعرف، في قرارة نفسه، أنّه لا يستطيع أن يلتقط هدفه، لكنّه يُتابع القفز على رغم معرفته تلك، وفكّر أنّه غباءٌ غير مفهومٍ...» (صفحة 100). تبرز هذه الجملة المأخوذة من رواية «نابوليتانا» للكاتب هلال شومان في نصٍّ يتعدّى كونه روايةً حديثة تدور حول حياة هيثم الشاب العشريني، ليتحوّل إلى نظرة شباب اليوم إلى عالمٍ لا يعرفون مكاناً لهم فيه، عالمٍ اختلطَت فيه العلاقات والطبقات والأعمار.
ويقدّم هلال شومان وهو لبناني الأصل عمله الثاني «نابوليتانا» (دار الآداب) بعد عمله الأوّل «ما رواه النوم» الذي صدر عام 2008. وهلال الشاب العشريني يكتب عن طالبٍ عشريني أيضاً يدرس في الجامعة الأميركيّة في بيروت، ومن هنا السهولة في الوصف وواقعيّته. ويمرّ هيثم (بطل هذه الرواية) بسلسلة أحداثٍ تؤثّر في شخصيّته ورؤيته الأمور فيخرج في النهاية إنساناً يحمل ندوباً جديدةً تنتظر الاندمال.
تنقسم هذه الرواية إلى ثلاثة عشر فصلاً مرقّمة بالتسلسل من دون أن تكون معنونة. وتبدأ الرواية بإهداءٍ لافت هو إلى صديقٍ له كتب اسمه باللغة اللاتينيّة: «إلى jiji»، وهو إضافة إلى ذلك عندما يعرّف بصديقه يضع كلمة «صديق» و «حياة» بين هلالين. وبعد قراءة الرواية يجوز اعتبار «جيجي» مُصغّراً لاسم جهاد وهو شخصيّة أثّرَت بالغ التأثير في هيثم البطل وكانت المحرّك لعددٍ من تصرّفاته. واسم العلم هذا المكتوب بأحرف لاتينيّة ليس الظاهرة الوحيدة في الرواية فنجد أنّ شومان لم يتوانَ عن إيراد عددٍ لا بأس به من الكلمات الأجنبيّة في نصّه: end of story (ص: 25)، god bless our sweet home (ص: 31). وبما أنّ هذه الرواية تتناول تفاصيل حياة شاب لبناني عصريّ عمد شومان إلى هذا الأسلوب حرصاً منه على الدّقّة في وصف الواقع ونقله.

«كتب تحترق»... لكن أفكار أصحابها تقاوم النار


230421b.jpg
آخر ما فعله المتزمت الديني، القس الأميركي تيري جونز، هو إقدامه على إحراق نسخ من المصحف أمام عدسات التلفزيونات العالمية، في لحظة استعراضية فضائحية، عبّرت عن ضغائنه الدفينة ضد الآخر المختلف، وضد ثقافته ورموزه ومقدساته. وتزداد المفارقة حدّة، حينما يصرّح جونز بأنه لم يطّلع بتاتاً، على ما ينطوي عليه القرآن.
ومع ذلك، فإنّ هذه الحركة العدائية غير منقطعة الأواصر عن مثيلاتها قديماً وحديثاً، وليست مقتصرة على الغرب، أو على بعض الطوائف والأمم. إنّما هي ظاهرة عامة عُرفت في معظم الأزمنة والعصور. ورُميَ الكتاب دائماً، لا سيما الكتاب المخالف والمعارض لما هو سائد في المجتمع بسهام الريبة والتوجس. صودر وحوصِرَ كفيروس معدٍ خشية أن يتفشى في جسد المجتمع، أو أن يزعزع هيبة الأنظمة الكليانية التسلّطية، أو أن يصدّع أركان العقائد والأيديولوجيات القائمة.
وإذا كانت الشعوب تُعرّف، كما درجت العادة، بما تقرأ أو تقتني من كتب ومكتبات، فإنّها تُعرّف أيضاً بما تنبذ، أو تُتلِف أو تبيد أو تحرِق من كتب. فلا تستوي أية ثقافة دون أن تضع حدّاً، لما هو داخلها، ولما هو خارجها. لما هو مقبول أو مرذول. بل تفترض بعض الملل القديمة والحديثة شروطاً قاسية على من يريد الاطّلاع على أسرار كتبه الدينية، حيث يتجلّى جوهر المعرفة الحقيقية دون سواها.
ومهما كانت الأسباب التي هي وراء حجب الكتب عن العامة حيناً، أو وراء إتلافها، أو حرقها للتخلّص من أخطارها، حيناً آخر، فإنّ الكتاب هو شبيه الإنسان، أو بديله الذي ينوب عنه. وقد حظيت ظاهرة التماثل بين الكتاب ومؤلفه باهتمام الباحث جيرار حداد في فرنسا، وعالم الاجتماع ليولوينتال في الولايات المتحدة الأميركية. وفي رواية ياسمينة خضرا «خرفان المولى» يشعل «تاج» النار في مكتبة «دكتيلو» قبل أن يقتله، قائلاً له: «الكتب ألدّ أعداء الإنسان». وثمّة مثل أجنبي سائر يقول: «كتب أعدائي هي أعدائي». وتصديقاً لهذا القول، عومل الفيلسوف الفرنسي الشهير بول ريكور غداة الحرب الكونية الثانية، بوصفه خصماً للثقافة الفرنسية الحرّة، لأنّه تجاسر على ترجمة بعض كتب الفلاسفة الألمان. وتبدو عند العرب في هذا المقام، قضية الاعتراف بالكتاب الإسرائيلي أو ترجمته، قضية سياسية وأيديولوجية أساسية.
ثمّة آصرة عميقة وجدانية تنعقد بين الكتاب وقارئه، تجعل مصير أحدهما متعلّقاً بمصير الآخر، إلى درجة حملت الشاعر الألماني الكبير هنريش هاينه على القول: «حيث يتم حرق الكتب، ينتهي الأمر أيضاً بحرق البشر». ونلمس ذلك عند أولئك الذين سرعان ما يخفون كتبهم أو يحرقونها، إذا ما شعروا بالتهديد العنصري أو السياسي الزاحف عليهم، إبّان الاحتلال الأجنبي، أو تبدّل الأنظمة. فبقاء الكتب عامل من عوامل فضح هوياتهم.
تستبق السلطات أحياناً الكتاب غير المباح، بمصادرته أو منع تداوله، أو عدم السماح بطباعته. والداعي أحياناً لا يكون لأسباب سياسية، إنّما لأسباب تتعلّق بالحفاظ على عقلانية مزعومة، أو صيانة لأخلاقية منضبطة، مثل منع كتب السحر والشعوذة والخرافة أو الإباحة الجنسية. وأحياناً كثيرة يُناط حظر تداول الكتب بالرغبة في توحيد النصوص الدينية أو المذهبية أو الأيديولوجية، فيُرفض كل ما لم يجمع عليه أصحاب العقد والحل، من نصوص شرعية أو قانونية، خشية أن تفضي هذه المصادر المتباينة إلى اختلاف الأمّة، وإضعاف وحدتها. ونظير المنع والمصادرة تعمد الدول المحتلّة إلى نهب مكتبات الدول التي احتلتها لحرمان أهل البلاد من الاستفادة منها. فكأنّ المستعمر يريد أن يمحو بعمله هذا ذاكرة هذه البلاد وماضيها. وكأن التشبث بالكتب أوقات المحن والشدائد تشبث بالهوية الوطنية والحضارية، وعامل من عوامل الحفاظ على اللغة والثقافة المشتركة.
في كتاب لوسيان بولاسترون «كتب تحترق» (وزارة الثقافة القطرية) يقوم الباحث بجردة تاريخية للمكتبات العامة والخاصة التي كانت عرضة للإتلاف أو الحرق، بدءاً من المكتبة المسمارية الأولى في بلاد ما بين الرافدين، وصولاً إلى مكتبة الكونغرس الأميركية. يتحدّث عن النصوص التي كتبت على الألواح الطينية، وعلى ورق البردى، كما عن الكتب المطبوعة والمخطوطة والمصورة، والكتب الإلكترونية والرقمية. ويستعرض الأخطار التي هدّدت المكتبات من العوامل الطبيعية مثل الزلازل والبراكين، والأعاصير والزوابع والنيران... إلى العوامل الإنسانية مثل الأسباب السياسية والدينية والعقائدية والنفسية. ويتناول بالتفصيل طرائق تدمير المكتبات منذ الأزمنة القديمة إلى الأزمنة الحديثة.
ويلتمع خلف هذه الإحصاءات والمعلومات الوفيرة التي يضعها بين أيدينا، والتي تخصّ حركة نقل المكتبات وتجهيزها وتبويبها وفرزها وحفظها من جهة، وطرق إتلافها وحرقها واندثارها، من جهة أخرى. يلتمع هذا الشبوب العاطفي، وهذا الشغف بالكتب المهدّدة بالانقراض، وكأنّها أنواع نادرة من الكائنات الحية. حتى لتبدو عملية إحراق الكتب لديه إهانة للشعور الإنساني المتسامح، وتجريحاً بالكرامة الإنسانية. وغالباً ما تمّ حديثه عن اجتياح المكتبات وتدميرها بحسّ من اللوعة الساخرة والمريرة. وهو لا يفرّق بين همجية الغرب وهمجية الشرق. ما دام الكتاب، صنو العقل، مهدداً بالإبادة. ولعلّ بعض من أراد أن ينقذ كتبه من الهلاك فدفنها في ضريحه، يؤشر إلى هذه الصلة الحميمة بالكتاب، وفي ضوء منطق معاداة الكتب، نقع على حكاية أولئك الذين فضّلوا حمل الخنازير في أحد القطارات، على الكتب التي رموها تحت القضبان. بل إنّ العسكر النازي رصف بعض الشوارع الروسية الموحلة بعدة طبقات من الموسوعات لتسهيل سير العربات العسكرية عليها. كما أعاد تدوير المكتبات لصناعة الورق، أو استخدمها في أفران مصفاة تكرير السكر.
ولا يقتصر حرق الكتب في التاريخ على محاكم التفتيش، بل كانت المكتبات في العالم الإسلامي ضحية صراعات وانقسامات مذهبية شرسة. كما حصل في مكتبات دمشق وحلب وأصفهان والقاهرة، قبل أن تدمرها جيوش هولاكو وتيمورلنك، ثم جيوش الصليبيين. ويُقال إنّ صلاح الدين الأيوبي اضطُر إلى بيع المكتبات الفاطمية ليسدد بثمنها علاوات جيشه. وحول حريق مكتبة الإسكندرية ثمّة روايات متباينة لا يبتّ فيها المؤلف.
ولم يخلُ عصر من متعصبين وجهوا حقدهم، لا إلى الآخر المختلف عنهم ديناً أو حضارةً، إنّما إلى من هو بين ظهرانيهم، وينحو إلى مخالفتهم. وهذا ما كان عليه مصير كتب الفيلسوف اليهودي العربي موسى بن ميمون، عام 1233 حين أحرق اليهود المتزمتون مؤلفاته لأنّهم حسبوه فيلسوفاً زنديقاً خارجاً عن ملّة الأمّة.
وحول أول مدمري المكتبات في العصر الحديث، يذكر بولاسترون أنّ البريطانيين هاجموا عام 1814 مكتبة الكونغرس وأضرموا النار فيها، وكانت المكتبة عينها إحدى هباتهم إلى الأميركيين. وفي عصر الحروب الحديثة أفضى التطوّر الهائل لتكنولوجية السلاح إلى حرق المكتبات عمداً أو خطأ، بالقنابل الثقيلة. هكذا بادر النازيون الألمان إلى التخلّص من مكتبات أعدائهم وكتبهم «المسمومة» بالسم اليهودي الآسيوي، فخسرت فرنسا وحدها أكثر من مليوني مجلّد، وخسرت بريطانيا عشرين مليون كتاب.
وكما الألمان، لم يرحم الحلفاء أيضاً الكتب، فصبّوا حقدهم ونيرانهم عليها. وخفّ الفرنسيون أثناء الحرب إلى حرق الكتب التي كان الألمان وضعوها مكان الكتب الفرنسية. وكان الجميع على ما يصف شاهد عيان: يلقون بحبور كل ما هو ألماني في النار. وفي المانيا نفسها كبّد الحلفاء المكتبات العامّة خسائر لا تحصى، بعد أن ألقوا على المدن الألمانية مليون طن ونصف الطن من الحديد والنار. وكان اليابانيون يحكمون بالموت على كل من يمتلك من الصينيين كتاباً معادياً لليابان. ولما وصل ماوتسي تونغ إلى الحكم أراد «تكنيس غبار الأفكار العتيقة والعادات الثقافية للمستغلّين»، فكان ذلك بمثابة الضوء الأخضر لحرق الكتب «الرجعية» المعادية للشعب. كذلك أتلف رجال فيديل كاسترو في كوبا مئات المؤلفات التي قدّمها الإسبان، لأن زعيمهم يجزم بأن: «داخل الثورة كل شيء، خارج الثورة لا شيء». بل إنّ فرنسا التي احتلّت المغرب العربي والجزائر، داس جنودها الهائجون والحاقدون الكتب في القسطنطينية، عام 1837 حيث كان حقدهم يرى في كل ما هو مكتوب بالعربية «مصحفاً».
وعملية التطهّر من الأفكار والكتب المؤذية، شاعت عند الطالبان الذين أتلفوا المخطوطات الأفغانية النادرة، وكنوز متحف كابول.
وكما للكتب خسائرها في الحرب، كذلك في أوقات السلم. خسائر ناجمة عن الإهمال، وعدم الاحتراز من أخطار الطبيعة. ولوسيان بولاسترون يسرّه أنّ الكتب الرقمية حلّت أخيراً محل الكتب الورقية، وعصمت الكتب من محنة الحرق والتلف.

بين 5 و12 مليون عملية إجهاض سرية في روسيا سنوياً

إجهاض
ن 5 و12 مليون عملية إجهاض سرية في روسيا سنويا بحسب تقديرات نائبة روسية، في حين أن البلاد تعجز عن الخروج من أزمتها السكانية الكبرى منذ عشرين عاما.
وأعلنت إيلينا ميزولينا رئيسة لجنة العائلة والنساء والطفولة في مجلس الدوما أنه "سنويا تجري سريا عمليات إجهاض تتراوح أعدادها بين خمسة ملايين و12 مليونا، وهذه أعمال تجارية مربحة جدا".
إلى تلك الأعداد يضاف 1,23 مليون إجهاض طوعي مسجل رسميا. ويعتبر هذا الرقم كبيرا بما أن عدد الولادات سنويا يصل إلى 1,7 مليون طفل.
والإجهاض الذي سمح به بعيد الثورة البيولشيفية في العام 1917 شائع جدا في روسيا، في حين أن أقل من ربع النساء لجأن خلال العام 2010 إلى وسائل منع الحمل.
وتتخبط روسيا في أزمة سكانية منذ انهيار الاتحاد السوفياتي. وكانت النتائج الأولية لإحصاء

زنوبيا.. ملكة تدمر التي هددت عرش الإمبراطورية الرومانية



ماتت منتحرة بالسم بعد أن وقعت أسيرة في يد الجيش الروماني
في الطريق إلى القمة، وتحت وطأة الرغبة المُميتة في الصعود السريع، ننسى -أو نتناسى- حقيقةً مهمة وهي أن لكل شيء في الحياة كُلفة أو ضريبة لا بد أن ندفعها..
تلك الضريبة التي قد تُودي بحياتنا كلما حاولنا الوصول إلى السلطة، فضريبة السلطة قد تكون حياتَنا التي قد نفقدها فجأة ودون سابق إنذار.. تلك السلطة التي قد تتراءى للكثيرين حلاوتُها.. نساء وُلدن في أوساط فقيرة وذُقن شظف العيش ومرارات الحاجة.. اجتاحتْهُنّ رغبة كبيرة ومميتة في الانخراط -بأي ثمن- في كواليس الحُكم ودهاليز السلطة، أملا في قفزة كبرى في ما بعدُ قد تُوصلهُنّ إلى القمة، من خلال ارتباط بحاكم أو الفوز بمنصب سياسيّ كبير.. ملكاتٍ كنّ أو أميرات أو فنانات أو عشيقات أو نساءً عادياتٍ قرّرن «القفز» على العادات والتقاليد والمُضيَّ في الحياة كما تحلو لهن.. نساء ونساء تكبّدن «ضريبة» البحث عن السلطة والاقتراب منها أو التعرُّض لها.. إنهنّ نساء قتلتْهُنَّ السلطة!...
تبدو زنوبيا كأنها واحدة من الأساطير القديمة التي توارثها البشر في كل زمان ومكان من مختلف الشعوب والقبائل، من الشرق والغرب والشمال والجنوب، من الماضي والحاضر. إنها إحدى الشخصيات الفذّة التي تظهر على فترات متباعدة من الزمن، قبل أن يبرز ويسطع نجمها كملكة مؤهَّلة في ذاتها وشخصيتها والبيئة التي نشأت فيها...
هي الزباء بنت عمرو بن الظرب بن حسان بن زينة بن السميدع السميعة، المشهورة في العصر الجاهلي... العربية ذات الشخصية القوية والتربية العالية التي دوّنت لنفسها خلاصة لتاريخ الشرق... هي صاحبة تدمر وملكة الشام والجزيرة...
فقد ولدت زنوبيا «بنت الزباء» كما أطلق عليها الرومان، والذي يعني قوة المشترى أو المُحارِبة التي تجيد إطلاق السهم) في تدمر وتأدبت في الإسكندرية من خلال دراسة تاريخ الإغريق والرومان... وتخلّقت بأخلاق كليوباترا وبطموحها وهواجسها في المجد والسلطان، الذي سعت إلى تحقيقه، من خلال زوجها الملك أذينة، ملك الدولة التدمرية آنذاك. فكانت تحرص دائما على مرافقته في أسفاره وتنقلاته ورحلات صيده ومجالسه ومجالس قومه ومجالس الشيوخ الذي كان التاج الملك يرفرف فوق رأسيهما في أحلام اليقظة.... فأذينة هو ملك وسيد الشرق الروماني، الذي امتدت سلطته على سوريا وما يليها، حيث أطلق عليه لقب «ملك الملوك»، حين استأثر بسوريا وسائر آسيا الوسطى...
كانت زنوبيا ترى في زوجها أذينة فرصتَها لتحقيق طموحها في أن تصبح يوما ما إمبراطورة روما نفسها... فلم يكن الأمر صعبا على زنوبيا، خاصة وأنها كانت تعي (من خلال قراءة التاريخ) أن أكثر أباطرة روما كانوا قد وصلوا إلى العرش عن طريق نفوذهم العسكري أو السياسي في مناطقهم النائية.. فعمدت بادئ ذي بدء إلى إعداد أبنائها الثلاثة («وهب اللات»، «تيم الله» و«حيران») لاعتلاء العرش، بعد والدهم الملك أذينة، الذي سرعان ما تم قتله (أشارت إليها أصابع الاتهام في مقتله) لتعتلي أريكة الملك باسم ابنها «وهب اللات»، ساعية في ذلك إلى تثبيت عرشه وتقوية الدولة التدمرية، بعد أن ساءت العلاقات بينها وبين الإمبراطور الروماني، الذي أرسل بعض الكتائب الرومانية لإعادة بسط النفوذ الروماني على الدولة التدمرية، لكن زنوبيا حطّمت تلك الكتائب وألحقت بها شر هزيمة، لتتجه إلى بلاد مصر الغنية بالحبوب، معززة بذلك مكانة تدمر التجارية التي امتدت من الحبشة إلى جزيرة العرب...
طموح لا ينتهي..
لم تقتنع زنوبيا ببلاد مصر، التي عمدت إلى فتحها، بل شرعت تغزو بلادا وتفتح أوطانا وتقهر جنودا وتهزم جيوشا، حتى اتسعت مملكتها اتساعا عظيما وامتدت حدودها على شواطئ البوسفور حتى النيل... وأطلقت عليها الإمبراطورية الشرقية، التي أغضبت فيها الإمبراطورية الرومانية (التي طالما حلمت بأن تكون ملكة عليها) والتي سعت جيوشها، بقيادة إمبراطورها أورليانوس، إلى التفاوض مع زنوبيا (بداية فقط) لوقف زحف جيوشها مقابل هِبَات عظيمة لها واعتراف الرومان بألقاب ابنها «وهب اللات» وامتيازاته ووضع صورته على أحد وجهي العملة اليونانية، إلى جانب صورة القيصر أورليانوس إمبراطور روما نفسها...
لكن زنوبيا سرعان ما عمدت إلى تنصيب ابنها «وهب اللات» ملكا شرعيا على مصر، مزيلة بذلك صور الإمبراطور الروماني أورليانوس عن العملة النقدية المتداوَلة في دولة تدمر، داعية في الوقت نفسه إلى الاستقلال المطلق عن الإمبراطورية الرومانية، الشيء الذي أثار حفيظة أورليانوس، الذي صبّ جامَ غضبه على زنوبيا وعزم على التنكيل بها وسحق دولتها التدمرية، معبئا بذلك جيشا عرمرما، على رأسه القائد بروبوس في اتجاه مصر سنة 271 ميلادية وجيشا آخر تحت قيادته توجه به (بالتزامن مع جيش بروبوس) إلى آسيا الصغرى، على أن يلتقي الجمعان في تدمر...
بدأت خطة أورليانوس تلاقي النجاح... فاحتل بروبوس وجيشه مصر، دون أي مقاومة تذكر، ووصل أورليانوس حتى أنطاكية واستطاع أن يقهر القوات التدمرية في معركة كبيرة دامية اضطرت معها زنوبيا إلى الانسحاب بجيشها المتبقي إلى تدمر الحصينة... لكن أورليانوس لم يفقد الأمل، فسارع في اتجاه تدمر، للقضاء على ما تبقى من جيشها ودولتها ساحقا كل ما يقع في طريقه إليها... لكن وصول تدمر لم يكن بنفس صعوبة احتلالها... فالأسوار المنيعة والأبراج العالية التي شيّدتها زنوبيا لم يكن بمقدور جيش روما تكسيرها واحتلالها... فبدأت هنا الحيلة والخداع وعمد أورليانوس إلى حصار تدمر، لفترة زمنية طويلة قاربت الشهور، فقضى بذلك على المؤن المتبقية لديهم... لكنه لم يستطع القضاء على وسائل دفاع زنوبيا الحصينة، التي وضعتها على شكل أبراج محمية ومعززة بمجانيق قاذفة للحجارة والقذائف النفطية الملتهبة، مصممة بذلك على المقاومة بشجاعة وبطولة، معلنة في الوقت نفسه أن نهايتها لن تكون إلا في ساحة المعركة...
هنا، وأمام صمود ترسانة زنوبيا وأسوار تدمر المنيعة في وجه جيش أورليانوس، بدأ هذا الأخير بخطة جديدة عرض من خلالها على زنوبيا الاستسلام بالشروط التي تريدها لها ولمواطنيها... لكنها رفضت بإباء وشهامة، بل اقترن ذلك الرفض بالإهانة أيضا... فطال الحصار المفروض واشتدَّ، شيئا فشيئا، اليأس لدى زنوبيا وحاولت الهروب ونجحت في ذلك، بداية، حين وصلت إلى نهر الفرات، قبل أن يقبض عليها جيش أورليانوس الذي اقتادها إلى ميدان القتال، حيث أورليانوس، الذي اقتادها، بدوره، إلى روما سنة 282 ميلادية (بعد قتل كبار مستشاريها وقياداتها) ليتم وضعها في منزل في تيبور أعدّه أورليانوس خصيصا لها...
هكذا، إذن، تمكّن أورليانوس، الذي اعتلى العرش في روما سنة 270، من متابعة انتصاراته في آسيا والقضاء على الدولة التدمرية التي تزعمتها زنوبيا... تلك المرأة التي طالما شكلت تهديدا لعرش روما والتي باءت محاولاتها الاستنجاد بالفرس بالفشل، لتضحي أسيرة مكبّلة اليدين بأصفاد من الذهب الخالص... لترفض، بكبرياء الملوك والملكات التنازل والاستسلام، مفضّلةً الموت منتحرة (عن طريق تجرُّع السم) وأنهت حياتها بعزة وكرامة... ملكة عظيمة حكمت أهمَّ ممالك الشرق وأخضعت لحكمها من عاصمتها تدمر مدنَ سوريا والشام وفلسطين وآسيا الصغرى، حتى أنقرة ومصر وما بين النهرين.. لتعلن نفسَها ملكة من أهم الملكات في تاريخ الشرق... ملكة تدمر العظيمة، التي ما تزال معالمها رابضة كالأسود إلى حد الآن...


كتاب هايكه جورتميكر "ايفا براون .. الحياة مع هتلر" يصفها بأنها لم تكن شقراء غبية



أثار كتاب "ايفا براون.. الحياة مع هتلر" اهتماما كبيرا بالمانيا، حيث اكدت الكاتبة هايكه جورتميكر ان براون التي انتحرت في عمر 33 الي جانب هتلر في مخبئه في ابريل/نيسان عام 1945، لم تكن "شقراء غبية"، كما كان يعتقد في السابق.
وقالت هايكه ان براون التي كان عمرها 17 عاما عندما التقاها الحاكم النازي في ميونيخ عام 1929 وتزوجت منه قبل يومين من انتحارهما لم تكن المرأة الخنوعة اللطيفة كما وصفت غالبا في الافلام الوثائقية والكتب.
واكدت هايكه 45 عاما "الناس دائما ينظرون اليها علي أنها مجرد امرأة لطيفة وقعت في حب

إيفا براون.. المرأة التي رافقت هتلر وماتت إلى جانبه



انتحرت بعد أن ابتلعت كبسولة من السم سريع المفعول

في الطريق إلى القمة، وتحت وطأة الرغبة المُميتة في الصعود السريع، ننسى -أو نتناسى- حقيقةً مهمة وهي أن لكل شيء في الحياة كُلفة أو ضريبة لا بد أن ندفعها..
تلك الضريبة التي قد تُودي بحياتنا كلما حاولنا الوصول إلى السلطة، فضريبة السلطة قد تكون حياتَنا التي قد نفقدها فجأة ودون سابق إنذار.. تلك السلطة التي قد تتراءى للكثيرين حلاوتُها.. نساء وُلدن في أوساط فقيرة وذُقن شظف العيش ومرارات الحاجة.. اجتاحتْهُنّ رغبة كبيرة ومميتة في الانخراط -بأي ثمن- في كواليس الحُكم ودهاليز السلطة، أملا في قفزة كبرى في ما بعدُ قد تُوصلهُنّ إلى القمة، من خلال ارتباط بحاكم أو الفوز بمنصب سياسيّ كبير.. ملكاتٍ كنّ أو أميرات أو فنانات أو عشيقات أو نساءً عادياتٍ قرّرن «القفز» على العادات والتقاليد والمُضيَّ في الحياة كما تحلو لهن.. نساء ونساء تكبّدن «ضريبة» البحث عن السلطة والاقتراب منها أو التعرُّض لها.. إنهنّ نساء قتلتْهُنَّ السلطة!...

غريس كيلي.. نجمة هوليود التي ماتت في حادثة سير



راجت أحاديث حول كون الحادث من تدبير عصابات المافيا
في الطريق إلى القمة، وتحت وطأة الرغبة المُميتة في الصعود السريع، ننسى -أو نتناسى- حقيقةً مهمة وهي أن لكل شيء في الحياة كُلفة أو ضريبة لا بد أن ندفعها..
تلك الضريبة التي قد تُودي بحياتنا كلما حاولنا الوصول إلى السلطة، فضريبة السلطة قد تكون حياتَنا التي قد نفقدها فجأة ودون سابق إنذار.. تلك السلطة التي قد تتراءى للكثيرين حلاوتُها.. نساء وُلدن في أوساط فقيرة وذُقن شظف العيش ومرارات الحاجة.. اجتاحتْهُنّ رغبة كبيرة ومميتة في الانخراط -بأي ثمن- في كواليس الحُكم ودهاليز السلطة، أملا في قفزة كبرى في ما بعدُ قد تُوصلهُنّ إلى القمة، من خلال ارتباط بحاكم أو الفوز بمنصب سياسيّ كبير.. ملكاتٍ كنّ أو أميرات أو فنانات أو عشيقات أو نساءً عادياتٍ قرّرن «القفز» على العادات والتقاليد والمُضيَّ في الحياة كما تحلو لهن.. نساء ونساء تكبّدن «ضريبة» البحث عن السلطة والاقتراب منها أو التعرُّض لها.. إنهنّ نساء قتلتْهُنَّ السلطة!...

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More

 
| - | wikiarabe | :